فرويد وعلم النفس:
يُعتبر فرويد مؤسس مدرسة علم النفس التحليلي (Psychoanalysis) وهذه الطريقة تقوم على الكشف عن أسباب المرض النفسي في لاشعور (Unconscious) المريض. ويتم ذلك عن طريق دفع الرغبات والمشاعر المكبوتة والذكريات المَنْسِيَّة من اللاشعور إلى الشعورFrom Unconscious) to Conscience) وذلك عبر طرق عدة نتحدث عنها في سياق الكلام.
ولد سيغموند شلومو فرويد في مدينة فرايبورغ الألمانية عام 1856 لوالدين يهوديين. ويقول عن نفسه "وظللت يهودياً أنا نفسي" (قد يجد البعض تمسك فرويد بيهوديته متناقضاً مع إلحاده وهذا ما سنفصِّله لاحقاً). عندما بلغ الرابعة من عمره، انتقل فرويد وعائلته إلى فيينا عاصمة النمسا، وهناك بدأ فرويد مسيرته الدراسية ونال شهادة في علم الأعصاب (Neurology) من جامعة فيينا عام 1881.أعلن فرويد انتماءه للمدرسة التجريبية (التيار السائد في أوروبا آنذاك), وعمل في المختبرات مساعداً وكان يحاول تفسير النشاط العقلي من خلال تفسيرات فيزيولوجية منكراً وجود الروح؛ فالكيان الإنساني بالنسبة له ليس سوى عبارة عن: لحم ودم وعظم وأعصاب وتفاعلات كيميائية في الدماغ. وأنكر فرويد بذلك الآخرة، فوجود الإنسان إذاً يقتصر على هذه الحياة الدنيا، وهذا عامل أساسي في نظرته القاتمة والمتشائمة للحياة.وقد توصل العلم الحديث إلى أن إنكار الروح ليس أمراً يقينياً وذلك حتى من خلال الأبحاث المخبرية. ومن الحجج العلمية التي ترفض إنكار الروح ما يقول بأن جسد الإنسان يتغير بجميع خلاياه وأنسجته, وعلى الرغم من ذلك فإن أفكار الإنسان تبقى بصفة دائمة وكأنها موجودة في "سِجِلٍّ حافظٍ" غير محدود بالطبيعة الفيزيولوجية، وهذا ما يعطي الإنسان شخصيته الواحدة في جوهرها، رغم تبدل الخلايا والأنسجة. ومن الحجج القوية: أنّ خلايا القلب لا تنبض بفعل عملية بيولوجية، بل إنّ هناك كياناً غير فيزيولوجي يضمن خفقان هذا القلب، وبذلك استمرار حياة الإنسان، وما يزال النسيج القلبي الذي يخفق (Nodal Tissue) لغزاً في عالم البيولوجيا، أجبر كثيراً من العلماء على الاعتراف بوجود الروح.تنقل فرويد في عمله بين المختبرات والمستشفى وانتهى به الأمر إلى افتتاح عيادته، وترافق ذلك مع زواجه. لا بد لنا من معرفة بيئة فرويد قبل أن نعالج نظرياته في علم النفس. كان المجتمع الأوروبي يواجه مرحلة من الضياع الروحي، وذلك بعد سقوط الكنيسة من مقامها، وخاصة بعد التقدم العلمي الذي لم يتوافق مع تعاليم الكنيسة التي بذلت جهداً دؤوباً في ملاحقة العلماء، واتهامهم بالهرطقة والشعوذة، وإعدام بعض منهم – وذلك خوفاً من تحول الشعب إلى العلماء وفقدان الكنيسة للسلطة والهيـبة – فتفشى الإلحاد بذلك نقمة على الكنيسة. وضعفت تلك الأخيرة وخاصة بعد فصل الدين عن الدولة. فأصبح جل الشعب الأوروبي كالقطيع الحائر، لا يستطيع أن يثق بالكهنة والقساوسة، ولا يجد الإلحاد بديلاً مريحاً، وشاع الفساد وتفشى الانحطاط الخُلُقي، إذ أن سقوط الكنيسة أباح المحرمات وسمح لمروجيها بالظهور حتى في وضح النهار. وقد أصاب هذا الانحطاط احتشام المرأة: حيث كانت المرأة التي يظهر كاحلها محطّ جدل واتهام بقلة الأدب قبل ذلك، فانهارت هذه المفاهيم وانتشر العُري تدريجياً تحت شعار الحرية والتقدّم، إذ قرنوا التقدم العلمي والصناعي بكسر قيود الأخلاق والحلال والحرام. كل هذه العوامل أدَّت إلى اضطراب في المجتمع الأوروبي وصل إلى درجة الهستيريا والازدواجية الخُلُقية (بين الفطرة السليمة والبيئة المنحرفة). بالإضافة إلى هذه العوامل، كان هناك سباق تسلح بين الإمبراطوريات في أوروبا حيث ساد جوّ من التوتّر إلى أن اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914 وتبعتها الحرب العالمية الثانية عام 1936.بعد أن بدأ فرويد معالجته للمرضى في عيادته استمر في أبحاثه وتنظيره واتصل بعدد من الأطباء في أوروبا منهم جان مارتن شاركوت الفرنسي الذي كان يُعالج مرضاه بالتنويم المغنطيسي. فعمل معه فترة من الزمن وتعلم منه طريقته بالإضافة إلى معالجة المرضى عن طريق المواد المخدِّرة، وقد عالج فرويد أحد مرضاه بالكوكايين وأدَّى ذلك إلى موته، بعد أن ظن فرويد أن للمخدرات تأثيراً إيجابياً على الصحة النفسية، فاضطر إلى أن يتخلى عن هذه الفرضية إلى حدٍ ما.يتبين للباحث في سيرة فرويد، أن إلحاد هذا الأخير لم يكن عائقاً أمام تعصبه اليهودي ونشاطه الحزبي الصهيوني. وقد علَّق د. صبري جرجس في كتابه "التراث اليهودي الصهيوني والفكر الفرويدي", مُقارناً بين "فرويد" و"بن غوريون" قائلاً: "ولعل الفرق بينهما أن (بن غوريون) أعلن عن إلحاده ثم اتجه في الوقت نفسه إلى العمل السافر من أجل الدعوة العنصرية المتعصبة, بينما جعل (فرويد) من إلحاده قناعاً يحاول أن يخفي وراءه الوجه القبيح لهذه الدعوة". وكان صديقاً حميماً لثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية الحديثة، وكان يوليه احتراماً وتقديراً عظيمين. وقد أرسل إليه أحد كتبه مع عبارة (إهداء شخصي) عليه. وقد انضم فرويد نفسه إلى جمعية (بناي برث) أي: أبناء العهد, عام 1895 وهي جمعية صهيونية تُعنى برعاية المصالح اليهودية وخدمة الصهيونية العالمية. وظل فرويد مواظباً على حضور اجتماعات هذه الجمعية وقد ألقى فيها أُوْلَى محاضراته عن تفسير الأحلام، وكان لأبحاثه ونظرياته في علم النفس التحليلي مساهمة كبيرة في سبيل تحقيق المخطط الصهيوني. فقد كانت للجمعيات الصهيونية سيطرة على الصحافة وأجهزة الإعلام، وكان لها القدرة (وللأسف ما زالت) على إسكات الألسن وهدم الجهود التي تحاول الكشف عن المخططات اليهودية العالمية. وأخذت هذه الجمعيات تنشر أفكار ونظريات فرويد التي لاقت رواجاً وخاصَّة لأنها تُرَوَّج بصفتها "عِلْمية" مستغِلةً تصديقَ الناس الأعمى لكل ما هو "عِلْمي"، والصهاينة يقولون في بروتوكولاتهم: "ارفعوا شعار العلم واهدموا به الدين" وسنجد تشابهاً كبيراً بين تعاليم فرويد وبروتوكولات حكماء صهيون! فالإفساد موجَّه إلى الأغيار (Goyim) دون اليهود، هذا الإفساد يسَهل سيطرة الصهاينة وإمساكهم زمام الأمور. فقد جاء في البروتوكولات: "ارفعوا شعار الحرية واهدموا به الأخلاق والأُسرة...". ويقولون إن كل ما عدا اليهود حيوانات ناطقة سخرها الرب في خدمة اليهود (التلمود).يعتبر فرويد تحقيق اللذة غايةً مُثلى عند البشر؛ فهم بطبيعتهم يبحثون عن اللذة ويَفِرُّون من الألم. لكن تحقيق اللذة القصوى لدى الإنسان غير ممكن. كما يقول فرويد: إذ أن العوامل الثلاث: 1.الجسد 2.والعالم الخارجي 3.والمجتمع، تقف مشكِّلةً سداً منيعاً أمام تحقيق اللذة -وقد سمَّى فرويد هذه العوامل الوحش الثلاثي الرؤوس The Three Headed Monster-. فالجسد محدود ومعرَّض للأمراض والأوجاع، والعالم الخارجي مليءٌ بالكوارث الطبيعية والعوامل المُهلِكة، والمجتمع يتقاسم الموجودات معه ويحاول الاستفادة منه بأقلِّ مقابلٍ ممكنٍ من الأجر (نلاحظ أن فرويد يُركِّز على نصف الكوب الفارغ بتشاؤم).قسّم فرويد الكيان البشري إلى ثلاثة جزاء متصارعة (ونجد هنا كما في معظم نظريات فرويد تأثراً بالفلسفة اليونانية، فقد قسم أفلاطون النفس إلى ثلاثة مراتب) هذه الأجزاء هي: الـ(هو) id -ويمكننا أن نسميه الهَوَى-، والـ(أنا) ego والـ(أنا الأعلى) super ego. فهو يَعتَبر الإنسان الذي يحقق توازناً بين هذه العناصر في جهازه النفسي رجلاً معافىً، إلا أن ذلك مستحيل بالنسبة لفرويد، فكل الناس مرضى نفسياً، ولكن بنسب متفاوتة!
ويتمثل هذا الصراع بإيجاز بأن الـهو (id)، مبدأ اللذة المطلقة غايته الوصول إلى أقصى درجة من اللذة، والأنا (ego) يمثل الوسيط بين الـهو والعالم الخارجي والأنا العليا (super ego) يمثل القيم الاجتماعية.