بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن هدى بهداه..
مازلنا مع صفات عباد الرحمن في سورة الفرقان، وكنا قد انتهينا من الخمس صفات التي تحت قاعدة التحلي.. فما سبق في الحلقات الماضية التحلي في الفضائل.. فبدأ في قضية التواضع { يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً } ثم العفو { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً } ثم القيام، والصلاة، والمناجاة في { وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } ثم التعوذ من النار في قولهم { رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ } ثم في التوازن والاعتدال في قوله { لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً } هذه خمس صفات تحت قاعدة التحلي بالفضائل..
جاء بعد ذلك في التأكيد على ثلاث صفات، وفي ثلاث صفات مهمة جدا تقوم ليها المجتمعات هي من باب قاعدة التخلي عن الرذائل قاعدتين التحلي، والتخلي دائما قاعدة مهمة جميلة؛ لأن المسلم عليه أن يتأملها، ويحاول أن يربي نفسه عليها.. هذه الصفة الأولى من صفات التخلي هي قول الحق عز وجل { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ }..
أهم صفة لعباد الرحمن أنهم لا يشركون بالله، ويحافظون على صفاء، ونقاء توحيدهم.. أليست هي دعوة الرسل؟ لماذا الله عز وجل بعث الرسل؟ لماذا الله تعالى خلق الخلق؟ لماذا أوجد الجنة، وأوجد النار؟
من أجل هذه القضية، ولذلك قال الله تعالى: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ }، وقال { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " ولهذا كان الصحيح أن أول واجب يجب على المكلف شهادة أن لا إله إلا الله، وهذا أمر قائم السلف الصالح رضي ا لله تعالى عنهم يتفقون عليه.. قد يسأل سائل فيقول لماذا يعني ذكرت هذه الصفة ضمن صفات عباد الرحمن مع أنها أصل أصل إيمانهم، وأصل عبادتهم؟ هي أصل في الإيمان.. هي أساس العقيدة؟ والجواب والله أعلم أنه أولا لإظهار كمال عنايتهم بالتوحيد، وإخلاصهم له، والتأكيد عليه، ولذلك مهم دائما التذكير للناس في قضية التوحيد.. الله.. عدم الشرك به.. التجنب، والابتعاد عن الوسائل المفضية للشرك.
ولذلك جاءت هذه الصفة رغم أن هي الأصل ضمن الصفات التي أكدها الله عز وجل في صفات عباد الرحمن يبدو والله أعلم أن الأمر الثاني بالتعرض لما كان عليه كفار قريش، وغيرهم.. فهل هي قضية التي يعني بعث محمد صلى الله عليه وسلم فيهم قضية القضايا مع قريش هي أصل دعوة الإسلام.. فهم يشركون، ويقولون كما قال الله تعالى عنهم: { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى }.
إذن هذه هي القضية.. هذه هي المشكلة في قضية قريش، ولذلك كان ذكر هذه الصفة { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ } للتعريض بقريش، وأكدت عدد من المرات في هذا البرنامج أن قضية سورة الفرقان هي كانت تحكي.. يعني تلك الحوار، والقضية الكبرى التي جرت بين محمد صلى الله عليه وسلم، وبين قريش في هذا المقطع { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ }.. بدأ بأشنع شيء في قومهم الشرك بالله.. ثم ثن بقضية قتل النفس.. ثم ثلث بقضية الزنا، وهذه القبائح الثلاث هي التي كانت غالبة على المشركين، وهي للأسف اليوم غالبة في واقع، ومجتمعات الناس..
اليوم من تأمل، ونظر في أحوال الناس..
إذن فقول الله تعالى: { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ } هي أول صفة لعباد الرحمن يجب أن يؤكدها الإنسان في نفسه، وهم لا يدعون لله تعالى شريكا، وليس هذا فقط.. بل لا يجعلون بينهم، وبينه في العبادة وسيطا.. أليس هو القائل: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ }؟!
لاحظ النقطة العلمية الجميلة.. كل الأسئلة التي جاءت في القرآن كلها دائما تأتي الإجابة فقل بواسطة.. فقل يا محمد: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً}، { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى }، { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ } فكل الأسئلة جاءت الإجابة لها بقل ما عدا هذه الآية { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} ما قال فقل.. قال: { فَإِنِّي قَرِيبٌ }، وهذا دلال على أن ليس بين الله، وبين عبده ليس بين العبد، وبين الله في الدعاء، والتوسل أحد { فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ }..
ولذلك لاحظ { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } قال هذه الآية في سورة النساء في (الآية ال48) وقال في آخرها { وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً } هذه في (الآية ال48) في (الآية 116) في نفس السورة في نفس الآية أي نفس لفظ الآية { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ –قال – وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً } لماذا الشرك فيه هذا الضلال البعيد، وهذا الافتراء العظيم، وهذا الظلم الشنيع أتدرون لماذا أجاب الله عز وجل كما في سورة لقمان { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } نعم ظلم الله تعالى يخلق الله تعالى يرزق الله تعالى يحي الله سبحانه وتعالى ينعم، ونعم الله تترى كثيرة على ذلك العبد ثم يشرك به غيره أو يكون الدعاء لغيره أو يكون العبادة لغيره.. أليس هذا ظلم؟
يا أخي الأب، والأم.. إذا صرفا أعمارهما، وأموالهما وجهدهما على أبنائهما في على الأبناء.. ثم قام الأبناء، ولم يبروا بالآباء، ولم يعترفوا بهذا المعروف إلى آبائهم..
فهذا يا أخي ظلم شنيع لا ترضاه الفطر السلمية.. فكيف يا أخي بالله سبحانه وتعالى الذي ينعم، ويرزق، ويعطي، ويسبغ بالعافية على العبد ثم يذهب العبد فيدعو غير الله أو يذهب، ويعبد غير الله.. أليس هذا ظلم؟!
بلى والله ظلم شنيع، ولذلك { لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ثم لاحظ ما الذي يحصل لو أن الإنسان أشرك بالله بشدة شناعته، ولذلك لاحظ أن الله تعالى قال: { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ{65} بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ }.
إذن يحبط العلم لا يقبله الله يفسد العلم تماما لمجرد وجود الشرك.. فاحذر فالقضية خطيرة جدا في فساد العمل.. أيضا الله تعالى يقول: { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } هذه قضية ثانية حرم عليه الجنة.. ماذا يريد الإنسان إلا الجنة من الله عز وجل.. رضا الله، والجنة، ولذلك { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ } هذا خبر الله تعالى هذه آية واضحة صريحة في المعنى تماما { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } من هم الظالمون؟ { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } كما في آية لقمان.. ثم لاحظ أثر آخر من آثار الشرك { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } ما المقصود بالظلم هنا في الآية؟
المقصود.. الشرك.
ما هو الدليل؟ قرأ الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية لما نزلت، ولذلك ذهب الصحابة يا رسول الله أينا لم يشرك.. أينا لم يظلم.. أينا لم يلبث إيمانه بظلم {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ} كلنا يا رسول الله عافسنا الأولاد، والزوجات، ونبيع، ونشرتي.. فيظلم بعضنا بعض دون أن نفصد.. فأينا يا رسول الله لم يلبث إيمانه بظلم؟ قال: ليس ذاك.. ألم تقرءوا قول العبد الصالح: { وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } المقصود بالظلم هنا هو الشرك.. المقصود الذي جاء في آية سورة لقمان.
إذن {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم} أي بشرك { أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ} الأمن الاجتماعي.. يعني أمن المجتمع.. الأمن النفسي.. الأمن الاقتصادي.. يعني كل هذه هي الأمن الفكري.. كل هذه الأمور.. كل هذا الأمن تتحقق بشيء كما أخبر الله تعالى بشرط أساسي { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ } صور الشرك الوسائل المفضية للشرك الوقوع في الشرك.. سبحان الله! أسباب تمحق الأمن الفكري، والأمن الاجتماعي، والأمن النفسي قلق، وهم، وضيق لتلك النفس هذا مصداق قول الحق عز وجل الآية صريحة واضحة في القرآن { الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ }..
إذن هذه الحقيقة الراحة، والطمأنينة؛ لأنه ظلم، وظلم عظيم.. كما أبر الله عز وجل، ولذلك أخبر الله تعالى أن من أشرك لا يقبل الله منه لا صرفا، ولا عدلا.. بل أكد أن من أراد أن من أراد لقاء الله { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ } فتأمل الشرط { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً }.. العمل الصالح لابد أن يكون خالصا صوابا، وإلا ما يسمى صالح لابد أن يكون خالصا لله وحده، وصوابا كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } أكد لا يشرك بعبادة ربه أحدا.. هذه في آخر سورة الكهف (الآية رقم 110) وسورة الكهف جاءت تتحدث في مضامينها عن الأولياء، ولذلك جاء من السنة قراءتها كل جمعة، وأن من قرأها فله نور في أسبوعه ذاك من الجمعة إلى الجمعة.. لم الآية مدارها على الأولياء.. فقد تحدث على العباد الأولياء من العباد كما في أصحاب الكهف أنفسهم، وتحدثت عن الأولياء من الوجهاء.. كما في أصحاب الجنتين، وتحدثت عن الأولياء من العلماء كما في الخضر عليه السلام مع موسى، وتحدثت في الأولياء مع الملوك كما في ذي القرنين.
إذن هذه الأمور الأربع جاءت تأكيد على أن الأولياء لهم حق التكريم، ولهم حق الدعاء لهم، ولهم قدرهم في نفوس المؤمنين.. لكنهم أيضا لا نخلط بينهم، وبين حق الله عز وجل، ولذلك جاءت آخر سورة الكهف تؤكد على مثل هذا المعنى في { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } ولذلك قال { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } عبد الله بن مسعود (رضي الله تعالى عنه) يقول: سألت النبي أي الذنب أعظم يا رسول الله؟ أعظم الذنوب ما هو يا رسول الله؟ قال:" أن تجعل لله ندا وهو خلقك " يا أخي خلقك، وأنعم عليك.. فتروح تدعي لله ند تدعو مخلوق.. تدعو شجرة.. تدعو قبر.. تدعو صنم أي عقل هذا الذي يقول بمثل هذا؟
ولذك القيام بالحقوق التي أقرها الله عز وجل كما في حديث معاذ بن جبل قال: إنه سأل النبي أو النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ "يا معاذ هل تدري حق الله على العباد وحق العباد على الله ما هو حق الله على العباد وما هو حق العباد على الله قال: قلت الله ورسوله أعلم قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا " هذا الذي يريده الله تعالى منا.. يعني كل هذه النعم، وكل هذا الخير فقط الله تعالى.. يريد منك أن تعبده وحده لا شريك له.. هذا الهدف الذي أنت خلقت من أجله { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } فأحسن حق الله عز وجل ليأتيك حقك على الله عز وجل، وحق العباد قال كما قال صلى الله عليه وسلم: " أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا " لا يعذب من لا يشرك به شيئا سبحانه وتعالى، ولذلك معاذ فرح بها، وقال: أنا أبشر الناس يا رسول الله قال: "لا تبشرهم فيتكلوا"..
إذن هذه بشارة من النبي صلى الله عليه وسلم أن تهتم بصفاء توحيدك لله أن تتم فعلا، وتحرص كل الحرص أن تتجنب الوسائل المفضية للشرك، ولذلك هذا ما حرص عليه النبي صلى الله عليه وسلم في توجيهه لأمته، وتوجيهه لأصحابه من خلال مواقف كثيرة جدا.. يعني مثلا من خلال قول أبي الهياج العسفي قال: قال لي علي بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنه) ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ما هو الذي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه؟ قال: "أن لا تدع تمثالا إلا طمثته ولا قبرا مشرفا إلا سويته" والحديث عند مسلم كل هذا دفعا لوسيلة الشرك، ومثل أيضا عندما قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت.. يعني رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أجعلتني لله ندا أو عدلا بل ما شاء الله وحده" كما عند أحمد والبخاري في الأدب المفرد..
أيضا عندما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم رجلا في يده حلقة قال: ما هذه؟ قال: من الواهنة.. من الواهنة استشفي بها.. فقال صلى الله عليه وسلم: " انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا " لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا، والحديث رواه أحمد بإسناد لا بأس به.. أيضا النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه من أن يعلق أحدهم تميمة فقال: " من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له ومن تعلق تميمة فقد أشرك "، وكل هذه الأحاديث عند أحمد في المسند.. ثم رأى حذيفة (رضي الله تعالى عنه) رجلا معه خيط من الحمى قطَّعه.. قطَّعه، وقال { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ } كيف؟ الآية.. تأمل الآية تدبر { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ}..
{ الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ } أي بشرك فهذه الآيات في القرآن تعرض بعضها بعضا استفاضت الأحاديث النبوية على مثل هذه المعاني أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ القبور مساجد، ولعن من يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم نهى عن اتخاذ قبره.. هو عيدا يأتيه الناس في مناسبات عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم.. فإذا كان قبر النبي فمن دونه لا شك أولى فنهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره عيدا أو يجعلوه وثن يعبد من دون الله أو يعني يظل الناس يأتونه في كل المناسبات، ولذلك؛ لأن الشرك قد يكون سبب مفضي لمثل هذه الأمور.. فلذلك علينا أن نحذر، وأن نتنبه للواقع الأليم الذي يعيشه الناس اليوم في كثير من الجهات هنا، وهناك.
نعم الواقع الذي يعيشه المسلمون اليوم في كثير من الجهات هنا، وهناك بكل صراحة واقع أليم.. يعني في إحدى الدول الإسلامية أكثر من ستة آلاف ضريح حتى لا تكاد تجد يوم من الأيام على مدار العام إلا وفيه فعلا مناسبة أو مولد أو شيء إقامة شيء حول هذه الأضرحة.. يعني بعض الأضرحة له مواسم أشبه بالحج فعلا يأتيها الملايين من الناس يقصدها الناس من خارج البلاد حتى في إحدى أحد السنوات وصل الأضرحة حوالي ثلاثة مليون شخص.. يعني عجائب، وغرائب.. الحقيقة نسمعها في هذا الباب.. بعض الأحيان لا يملك الإنسان أمامها إلا أن يقف مشدوها.. يعني الحسين (رضي الله تعالى عنه) له ثلاث قبور.. في ثلاث دول.. بل قالوا: إن رأسه موجود في أربع أماكن.. تسألوني كيف؟ لا أدري.. كيف يكون رأسه موجود في أربع أماكن في الوقت ذاته؟ لا أدري، وتؤول، ويقال عنها كلام غرائب في مثل هذا الجانب.. على كلٍ لاشك إننا بأمس الحاجة إلى تأكيد فعلا جانب التوحيد، والحفاظ على جانب التوحيد.. كما أمر الله تعالى { وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ } نص في مثل هذه المسألة، ولذلك ثمرة التوحيد الخالص لله تعالى.. أن أول ما يدخل العبد الإسلام هو في التوحيد، وآخر ما يخرج به العبد أيضا هو التوحيد كما قال عليه الصلاة والسلام: " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" وهو أول واجب، وهو آخر واجب، ولذلك يكون أمره مهم..
فالتوحيد هو أول الأمر، وهو آخر الأمر.. أيضا في صحيح البخاري من حديث عبد الله بن مسعود (رضي الله تعالى) عنه قال: " من مات يشرك شيئا من مات يشرك بالله شيئا دخل النار قال ابن مسعود قلت: "أنا ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة" وقد جاء هذا في الحديث أيضا في صحيح مسلم من حديث جابر ابن عبد الله (رضي الله تعالى عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا فقال يا رسول الله ما الموجبتان فقال عليه الصلاة والسلام من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار " في الصحيحين من حديث سعيد بن المثيب عن أبيه أن أبا طالب، والقصة معروفة لما حضرته الوفاة دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل فقال النبي: أي عم "قل لا إله إلا الله كلمة أحاج بها لك عند الله قل لا إله إلا الله" في آخر اللحظات.. فقال أبو جهل، وعبد الله بن أبو أمية: يا أبا طالب ترغب عن ملة عبد المطلب.. شياطين الإنس فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به أنه على ملة عبد المطلب.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأستغفرن لك ما لم أنهى فنزل قول الحق عز وجل { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } فلاحظوا خطورة الشرك.. لا يقبل الله فيه استغفارا، ولا يقبل الله فيه شفاعة إلا إن تاب صاحبه.. إن تاب صاحبه توبة صالحة لله.. فلا شك أن الله تعالى غفور رحيم { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } لا يغفر أن يشرك به.. يعني لو مات على الشرك.. لكن لو أنه تاب، ورجع غفر الله له، وقبله، وكيف كان الصحابة رضوان الله تعالى عليه قبل إسلامهم، ودخولهم في الإسلام، ولذلك أيضا جاء عن أنس (رضي الله تعالى عنه) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قال الله تبارك وتعالى يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة " والحديث عن الترمذي، وحسنه الألباني (رحمه الله).
ولذلك لاحظ سعة رحمة الله تعالى إلا الشرك، ولذلك خطورة أن يموت الإنسان على الشرك وروعة وجمال ان يموت الإنسان على صفاء التوحيد، ونقائه، ومن هنا يتنبه الإنسان فعلا إلى أهمية هذه الصفة التي هي قضية القضايا، وأصل الأمور، وعلينا أن نتنبه فعلا لمثل هذا الأمر في يوم أكد النبي صلى الله عليه وسلم فعلا: " اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد بعدي ولا تتخذوا قبري عيدا " كانت من آخر وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت اشتد به المرض ثقل به الألم، ولكنه من شدة رحمته بأمته صلى الله عليه وسلم، وشفقته عليهم، وخوفه من انحرافهم.. من انحراف الأمة.. كما حدث في الأمم السابقة كان صلى الله عليه وسلم ينبه، ويؤكد، ويحذر، وهو على فراش الموت..
الوصية الأخيرة "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا" والحديث متفق عليهم.
تأملوا سطور الكائنات فإنها
من الملك الأعلى إليك رسائل
وقد خط فيها لو تأملت خطها
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: "أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد ألا كل شيء ما خلا الله باطل " إي وربي فهو الخالق الرازق المنعم المحي المميت النافع الضار المالك الجبار والمتكبر القادر المهيمن هو الذي بيده ملكوت كل شيء سبحانه وتعالى، ولذلك كان لزاما أن يكون التوحيد خالصا له جل وعلا، وهذه كلمة التوحيد.. ألسنا نقول دائما.. يعني في كل لحظة لا إله إلا الله؟! ما معناها؟ أي لا إله، ولا معبود إلا الله سبحانه وتعالى..
هذه كلمة التوحيد.. هذا هو الإخلاص لله سبحانه وتعالى.. هذا الذي يحبه الله، وهذا الذي يرجوه الله سبحانه وتعالى، وهذا الذي من أجله خلق الله الخلق، وأوجد الله الناس، والبسيطة، وأرسل الرسل، وأنل القرآن، وجعل الجنة، والنار، ولذلك على الإنسان أن يتنبه لمثل هذا في الصحيحين أو يعني يتأكد جمال، وروعة التوحيد.. عندما يتأمل الإنسان ثمرات التوحيد التي أشرت إليه، وروعتها في التفكير.. كيف تكون خاتمته لله تعالى؟ فهو لا يركع، ولا يسجد، ولا يدعو إلا للواحد سبحانه وتعالى.. وهو يعلم أنه الواحد الذي بيده كل شيء جل وعلا مهما بلغ ذلك الإنسان أو ذلك المخلوق فيبقى أنه ضعيف، وضعيف أمام الله سبحانه وتعالى.
ولذلك استمع إلى هذه الأبيات الجميلة أذكر للدكتور ناصر الزهراني حفظه الله.. يعني أبيات جميلة، ورائعة حقيقة في قضية التوجه، والدعوة لله سبحانه وتعالى وحده ..
فاستمع يا زمان هذا محب سوف يتلو أنشودة للرواة
يا خلايا الفؤاد يا كل نبض
هات ما عندكم من الحب هاتي
تاه لبي وذاب قلبي لربي فهو حبي
وسلوتي في حياتي
وله كل ذرة في كياني ومماتي
ومنسكي وصلاتي
يقصر اللفظ عن بيان الحب ومعاني
في مهجتي مضمرات
من يعيد الرواء للأرض لما يطمث الجدب
أودها ضاحكات
من يعافي المريض من بعد سقم
وقنوط من طب المستشفيات
من يبث السرور في كل بيت بالبنين
الأطهار أو بالبنات
من يسلي النفوس بالصبر لما تبتلى
بالنوازل القاصمات
من يغيث القلوب مما دهاها
من هموم بئيسة جاسمات
***************
إنه الله إنه الله الذي لا إله غيره الذي يستحق العبودية والوحيد الخالص له جل جلاله نسأل الله تعالى أن يحيينا، وإياكم أجمعين على التوحيد، وأن يميتنا على التوحيد، وأن يجعل قلوبنا مؤمنة موحدة مخلصة لله سبحانه وتعالى